الرأي اختيار والقرار اختبار

الرأي اختيار والقرار اختبار

  • السبت 26 يوليو 2025
  • 07:48 PM

الملتقى / شيخة سالم

اختلاف الرأي ليس خصومة، بل هو شرارة الوعي الأولى. فحين تتعدد الزوايا، تتسع الصورة، وتنضج الفكرة.

 الفكرة لا تُولد كاملة، بل تنمو بالنقاش، وتتهذب بالاختلاف، وتصفو حين تُختبر في ساحة العقول المتنوعة.

 لذلك، كان من تمام الفهم أن نتقبل الفكر الآخر، لا لنسلّم به، ولكن لنفهم أنفسنا من خلاله.

لكن هذا لا يتحقق إلا بشرط: أن نتقبل النقد كما نتقبل المديح، وأن نؤمن أن العقول التي تخالفنا قد تُهدينا إلى ما لم نكن نراه. فالمعارضة لا تعني العداء، والاختلاف لا يُفسد الودّ، بل يُغنيه، ويكشف معدن من نحاوره.

وفي خضم هذا السجال الفكري، وقفت مع نفسي لحظة وتأملت: ما الذي يجعل الإنسان يفشل؟ لم أجد أشدّ على النفس من أن يفقد صاحبها القدرة على اتخاذ قرار. أن يقف مترددًا على أبواب الفرص، يراقبها تمضي، ولا يجرؤ أن يطرق بابًا منها.

الإرادة، في نظري، هي الخط الفاصل بين من يحيا حياةً باهتة، ومن يحيا حياةً ذات معنى. هي السلاح الذي نحارب به رغباتنا الهشة، ونواجه به ضغوط الواقع، ونتغلب به على ضعف النفس. وما أكثر الذين هزمهم ترددهم، لا عدوّهم!

وأسوأ إحساس يمر بالإنسان، ألا يشعر باحترامه لنفسه. أن يرى قراراته معلقة، وأيامه مكرورة، وأهدافه مؤجلة. أن يعيش غريبًا عن ذاته، بلا موقف، بلا صوت، بلا أثر. احترام النفس لا يُستجدى من الناس، بل يُبنى في الداخل، لبنةً لبنة، على الصدق والثبات والشجاعة.

نحن لا نحتاج إلى الكثير لننمو. نحتاج إلى لحظة صدق مع أنفسنا، نُفرّغ فيها العقل من الضجيج، ونستمع إلى النداء العميق في القلب. هناك، في تلك اللحظة، تنضج الإرادة، ويتحوّل الفكر من فكرة طائشة إلى قرار حاسم، ومن قيد إلى جناح.

فليكن لنا من اختلاف الرأي بداية، ومن احترام الذات غاية، ومن القلم وسيلة تُعيد ترتيبنا من الداخل.

 

اشترك الآن في النشرة الإخبارية

نشرة اخبارية ترسل مباشرة لبريدك الإلكتروني يومياً

العوده للأعلي